جديد الحقيقة
الرئيسية / كتاب وآراء / لِمَ أيقظتموني باكراً؟! للكاتبة: أنوار التنيب

لِمَ أيقظتموني باكراً؟! للكاتبة: أنوار التنيب

حتى إنني لم أستمتع حق الاستمتاع بدميتي ذات الشعر الكستنائي، ولم أكمل لعبة (الغميضة) مع بنت الجيران، حتى كاس الحليب الدافئ لم تزل حرارته في كف يدي، وأنا أشاهد حلقة الفيلم الكرتوني للسندباد مع ياسمينا.
لِمَ أيقظتموني باكراً؟!
فأنا لم أزل أفرك عيني عند السادسة صباحاً، ومريول مدرستي (الزهري) مع شريطة شعري البيضاء معلقان أمامي على المشجب، وحذائي الأسود ذو اللمعة المميزة قد جهزته لي والدتي البارحة استعدادا للذهاب إلى المدرسة، حتى أخي ذو الأشهر الأولى استيقظ على صوت أمي، وهي تناديني أنا وإخوتي لنتناول طعام الافطار.
لِمَ أيقظتموني باكراً؟!
وكأنني أعيش في حلم لا يعترف بمقياس الزمان ولا المكان، أو قطار سريع أخذني من زمن تحكمت فيه بحرياتي، إلى زمن قيدت فيه نفسي بسلاسل مجتمعية ووهمية، أو موج محيط قذفني من واقع سهل إلى واقع صعب، من دون أن تخبرني جدتي، بأننا إذا نمنا صغاراً سنصحو كباراً، ونحن لم نزل نغط بأحلامنا الصغيرة الجميلة، لدرجة أنني أحياناً أشعر أنني لم أستوعب بعد غياب ابتسامة والدي، وتلاشي دفء حضن جدتي، واستبدال دولاب ألعابي، بدولاب ألعاب أولادي!
لماذا الزمن لم ينتظر حتى نتدرع لمواجهة قساوة المستقبل، وأن بكاءنا على قطعة شوكولاتة رغبنا بها، لا تعدل حزن أحدنا على فقد زمان كان يشبهنا؟
لماذ لم يخبرنا أجدادنا، بأننا سنكبر وستبهت ضحكتنا العفوية، وأن الأماكن التي ألفناها ستتبدل، وسيغيب وجوه الأحبة، وحياتنا ستصبح مجرد صور تحمل رائحة الذكريات، والأغنيات التي حفظناها عن ظهر قلب من دون أن نسأل ما المعنى الذي تحمله كلماتها سيتغير لحنها وأوتارها؟
لماذا لم ينبهنا أحد ممن سبقونا، أن الأمان الذي كنا نتقلب فيه، سيصبح مطلباً أسرياً واجتماعياً وسياسياً، وأن الحياة ستصبح حلبة سباق يحتدم فيها الصراع بين القوي والضعيف، والحقيقة والكذب، والجمال والقبح؟
فلم استيقظت أنا باكراً… لِمَ؟!

لم أيقضتموني باكرااا ؟؟!

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*