الرئيسية / كتاب وآراء / خذ ما يروق لك و اترك الباقي ،،، بقلم الكاتبة / فاطمة المذكوري

خذ ما يروق لك و اترك الباقي ،،، بقلم الكاتبة / فاطمة المذكوري

كل منا يبحث عن أناس تتقاطر الملائكية من كل كلمة تنطق بها ألسنتهم و من كل فعل من أفعالهم ، و في غمرة البحث عنهم و تمني العثور عليهم ننسى أن نسأل أنفسنا..هل نحن نتصف بهاته الصفة؟ هل الملائكية تجري في عروقنا مجرى الدم نقية صافية لا تشوبها شائبة ؟.
الحياة قطار نسافر به و فيه برحلة العمر عبر عدة محطات..نتجول في أركانه لنتعرف أكثر عليه و على من يشاركوننا الركوب فيه ..قد تنتهي رحلتنا و لم نكمل بعد تجوالنا و لم نقابل بعد كل مسافريه،نلتقي بأناس مختلفة طباعهم ، و على مدى استمرار رحلتنا يستمر اكتشافنا لصفات أكثر بأنفسنا و بباقي الناس..
كل إنسان في البداية يتفنن في إظهار أحسن ما فيه ..و إذا لم يجد تصنعه ..لكن الأيام بأحداثها كما هي دائما اختبار للناس ..تكشف الحقيقة من الإدعاء ..
نتعرف على هذا و على ذاك ..و الأمثلة كثيرة ..فهذا يميزه كرمه و يفتقد لباقة الكلام و ذاك طابعه البخل لكنه يمنحك وقتا متى احتجت للحديث معه ..و غيرهما أناني لا يحب إلا ذاته و لا يقدم خدمة البتة ..ينفع فقط رفيقا بالمناسبات يملأ فراغا يحتاج وجوده ..و هناك الخدوم الذي لا يتوانى عن تلبية حاجتك حتى من قبل أن تطلب منه لكنه يلطخ صنيعه بكثرة المن و التباهي بخدماته ..كما هناك أيضا الخدوم الذي يخدم كل من حوله دون أن يحدث حتى نفسه عما قدمه من عون ..لكنه يرفض أن يشاركه أحد أسراره حتى و إن كان أقرب صديق له ..و نجد الحنون كما نجد القاسي ..و هكذا هم البشر ..تروق لك خصلة فيهم و قد تكون خصال و تنفر من سمة و سمات جبلوا عليها ..ما علينا سوى أن نأخذ منهم ما يعجبنا و ينفعنا و نترك لهم الباقي ..وبذلك نحافظ على تواصلنا معهم على اختلاف شخصياتهم ..و لا نرتكز في معاملتهم على ما استخلصه غيرنا من تجربة تعامله معهم ..فالإنسان كالكتاب لا تحكم عليه من كلام من تصفحه قبلك،اقرأه بنفسك لتعلم جوهره..
مهما طالت الرحلة أو قصرت ..من نقابلهم قد نفارقهم ليس بالضرورة بانتهاء رحلتنا ..بل مع استمرارها قد نضيعهم ..قطار الحياة يسير ..و بمحطات يقف ثم يكمل دربه و بكل محطة أناس ينزلون و آخرون يصعدون و بين حدث الصعود و النزول و حدث التجوال في جنابات هذا القطار نفقد أشخاصا و نكسب آخرين ..
و كلما أيقنا أن من نراهم اليوم قد يختفون عن ناظرنا أو نختفي عن ناظرهم غدا ، شعرنا بتفاهة الوقوف عند عيوبهم و تضييع الوقت في التفكير فيها و التركيز عليها متجاهلين محامد أو مجرد محمدة واحدة تميزهم ..و متجاهلين ما هو أكبر : وقت الرحلة الذي يمر و لا يعود ..و الذي هو أهم و أغلى من أن نستثمره بدراسة معايب الناس ..
قناعتنا بإنسانيتنا تحتم علينا لزاما اعترافنا بأننا كلنا مخطئون ..لأن الخطأ جزء لا يتجزأ من الإنسانية..و متى ما أدركنا هاته الحقيقة أصبحنا أكثر تسامحا و تجاهلا لأخطاء الغير ..

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*