الرئيسية / كتاب وآراء / من ذاكرة الغزو والتحرير.. ،،، بقلم: مبارك العنزي

من ذاكرة الغزو والتحرير.. ،،، بقلم: مبارك العنزي

أتذكر جيدا عندما تطوعت في صبيحة يوم التاسع عشر من أغسطس سنة 1990م وكنت شابا يافعا متلهفا متشرفا مع ثلة مباركة من شباب الكويت، لنكون في صفوف الجيش الكويتي للدفاع عن تراب الوطن والذود عن حياضه، لمقارعة جيش الباطل والظلام لنظفر بإحدى الحسنيين، إما النصر أو الشهادة.

وتعود بي الذكرى عندما استقبلتنا سفارة الكويت في مملكة البحرين ودونت أسماء المتطوعين الكويتيين ليتسنى نقلهم إلى المعسكرات الحربية، وتم التنسيق مع قيادة الجيش الكويتي الذي كان وزير دفاعه ولي العهد الشيخ نواف الأحمد، حفظه الله، ورئيس أركانه اللواء الشيخ جابر الخالد، حيث صدرت الأوامر لنكون تحت رعاية معسكر الدفاع الجوي في مملكة البحرين مع كوكبة رائعة من الضباط الكويتيين الذين أشرفوا علينا جنبا إلى جنب مع مدرسة التدريب البحرينية، اكتسبنا هناك شحنات مصيرية تتمحور على معاني التضحية والفداء والإيثار وكيف يختلط الدم الكويتي بالدم الخليجي لتكوين الفكرة النبيلة من شعار «خليجنا واحد مصيرنا واحد»، من خلال مناهج العزة والكرامة التي كانت من ضمن الجدول التعبوي العسكري، كما تدربنا على مهارات الميدان والمسير وحمل السلاح والصاعقة والرماية وتفكيك القنابل، وتخرجنا تحت رعاية وحضور ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الذي كان وزيرا للدفاع كما ذكرنا آنفا، والشوق يغمرنا لدخول الكويت مقاتلين مدنيين تحولوا لنسخة عسكرية، عندها نقلنا نحن دفعة البحرين الأولى، إلى المملكة العربية السعودية ـ وتحديدا المنطقة الشرقية ـ معسكر الظهران التابع للحرس الوطني الكويتي ـ لواء بدر ـ وكان التدريب قاسيا جدا وبعناية مباشرة من الجيش الأميركي ـ المارينز ـ تدربنا على حرب الشوارع ومكافحة الغازات السامة والقتال المتلاحم والحراسات وأصول الدفاع والهجوم والتوقع، ولعل من الجميل ذكر مآثر هذا المعسكر إلى جانب مآثر كثيرة جدا، وهو حرص القيادة على صلاة الفجر وكل الصلوات جماعة في العراء مع الجنود، وتشجيع طلبة العلم على إلقاء الخواطر والدروس لحث الجنود على الصبر والمصابرة والرباط.

بعد فترة تدريب 6 أشهر، انتقلنا مباشرة نحو الكويت عن طريق أبوحدرية ـ الخفجي، مدججين بالسلاح والعتاد والعيون تتلامع والقلوب تخفق شوقا للكويت وترابها الطاهر. لم ولن أنس صيحات شباب الكويت كأنهم الأسد في عرين المجد. قاتلنا مع قوات التحالف والشهادة نصب الأعين، وما ان هدأت أجواء الاشتباك، وبدأ العدو ما بين قتيل وأسير وهارب ومندحر، تمركزنا في منطقة الفحيحيل وشركتي البترول والبتروكيماويات والمستشفى العسكري وميدان حولي ـ شارع القاهرة.

استشهد من استشهد من زملاء السلاح، وجرح من جرح وبقي على قيد الحياة من بقي، بل وأتذكر كل التفاصيل والحوادث والمشاهد التي شهدتها بنفسي، ما أعذبها.. ما أصدقها.. ما أجملها.

لا أود الخوض في ملامح وتقاطيع دماء الأبطال وذكرياتهم العبقة، ويعلم الله أنهم كانوا أفذاذا مجاهدين ويستحقون من الكويت كما تستحق الكويت.

الحديث ذو شجون في ضمير من عاصر كل همسة ونفحة وخفقة لاحت في جبين أيام الغزو والتحرير، وما تخللت من آلام وآمال وتراتيل وعشق وهيام. وأخيرا وليس آخرا ستأتي الأعوام تلو الأعوام، وسنكتب للجيل وسنعيد صياغة ذكرى هذه الليالي ولن نتوقف عن كتابة مذكراتنا حتى لا ننسى. تقبل الله الشهداء، وحفظ الله الكويت من كل مكروه.

لك يا وطن.. منا معزة وتقدير..

وحق.. علينا نكرمك.. بالمبره..

ولو الشهادة ما تحكمها المقادير..

كان انذبحنا فيك..؟ مليون مره..

يالله تسير خطة العز.. تسيير..

وتقطع خبر؟ من هو نوانا بشره..

وتحفظ حدود الدار من كيد شرير..

ويالله عسى لدرب المهالك؟ تجره..

هذي رسالة حب من باب تذكير..

وجعل العلم عالي.. ولكويت حره..

[email protected]

engmubarakq8@

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*