الرئيسية / اقتصاد / نفق مظلم بالمرحلة القادمة

نفق مظلم بالمرحلة القادمة

تنتظر دول الخليج مرحلة صعبة بسبب ما آلت إليه أسعار النفط الخام. ويعاب على هذه الدول أنها عجزت في تنويع اقتصادها، وصرفت العائدات النفطية في الإنفاق على الرواتب و’أنظمة رفاه’ ترعى المواطن من المهد حتى اللحد. وقد تجد نفسها مجبرة على سن سياسة ضريبية لأول مرة.

يبدو أن أياما صعبة تنتظر دول الخليج مع تراجع أسعار النفط الخام بعد أن فوتت هذه الدول فرصة ذهبية لتنويع اقتصاداتها بالاستفادة من العائدات النفطية الضخمة التي سجلتها خلال العقد الماضي.

ويمكن أن تبدأ دول مجلس التعاون الخليجي الست، وهي السعودية والإمارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين، بالمعاناة جراء تراجع أسعار الخام التي خسرت نصف قيمتها منذ حزيران/يونيو وهي اليوم بحدود ستين دولارا للبرميل.

ودول الخليج التي تضخ 17,5 مليون برميل يوميا يمكن أن تخسر نصف عائداتها النفطية مع الأسعار الحالية، أي حوالى 350 مليار دولار سنويا.

فرض ضرائب

سيتبع انخفاض العائدات خفض في الإنفاق، وربما أيضا فرض ضرائب للمرة الأولى في تاريخ هذه الدول، ما يزيد المخاوف من الاستياء الشعبي، ومن التباطؤ الاقتصادي في النهاية. ويعتبر المحلل الاقتصادي الكويتي جاسم السعدون أن فرض ضرائب’ بات محتما’.

وأدى انخفاض أسعار النفط إلى انهيار بورصات الخليج وإلى خسارتها مليارات الدولارات من القيمة السوقية للأسهم.

عجز دول الخليج على تنويع اقتصادها

صلب المشكلة بحسب السعدون، هو فشل دول الخليج في اقتناص فرصة ارتفاع عائدات الطاقة من أجل تنمية اقتصادها خارج إطار القطاع النفطي.

وقال السعدون ‘لقد ضيعت دول الخليج فرصة مهمة للإصلاح وبناء اقتصاد متنوع بشكل حقيقي’.

وذكر المحلل أن ‘الإنفاق العام ارتفع إلى مستويات قياسية، ولم يكن ذلك على مشاريع بنى تحتية حيوية بهدف تنويع الاقتصاد’.

وأضاف أن الإنفاق ‘ذهب خصوصا إلى الأجور والرواتب والدعم … وعلى هبات مقابل الولاء السياسي، خصوصا بعد الربيع العربي’.

وقال صندوق النقد الدولي في ورقة نشرها الأسبوع الماضي تحت عنوان ‘لقد حان الوقت للتنويع’، أن ‘أنماط النمو السائدة بالنسبة لمعظم الدول المصدرة للنفط تجعل هذه الدول عرضة للتأثر بمراحل مطولة من انخفاض الأسعار’.

وحذرت وكالة التصنيف ‘ستاندرد اند بورز’ من أن الانخفاض الطويل في أسعار النفط سيبطئ على الأرجح اقتصاد دول الخليج وسيؤدي إلى انخفاض الإنفاق على مشاريع البنية التحتية الضخمة، وسيؤثر أيضا على القطاع الخاص. وخفضت الوكالة مستوى النظرة المستقبلة بالنسبة للسعودية وسلطنة عمان والبحرين.

الاحتياطات المالية لا تكفي

قال صندوق النقد الدولي إنه عدا سلطنة عمان والبحرين اللتين تعانيان أصلا من عجز، فإن الدول الخليجية الأخرى لن تتأثر بشكل كبير على المدى القصير إذ يمكنها أن تلجأ إلى احتياطاتها المالية البالغة حوالى 2500 مليار دولار.

إلا أن هذه الاحتياطات ستؤمن ‘غطاء مؤقتا فقط’. وقد بدأت بالفعل عمليات شد الأحزمة في بعض دول المنطقة.

وشددت السعودية على أنها ستستمر بالإنفاق المرتفع عبر الاستفادة من الاحتياطات المالية.

لكن الكويت أمرت بإجراء اقتطاعات كبيرة في الإنفاق، وهي تفكر في رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء.

وفي الإمارات، أعلنت دبي عن خطط لرفع أسعار الكهرباء والمياه، ومن المتوقع أن تتخذ دول أخرى تدابير مشابهة.

واعتبرت وكالة ‘موديز’ للتصنيف الائتماني أن دول الخليج ستبدأ على الأرجح في إجراء اقتطاعات في الإنفاق على ‘مشاريع استثمارية غير إستراتيجية’، إلا أنها ستواجه في النهاية ضرورة اتخاذ قرارات صعبة.

خفظ الإنفاق…الخطوة الصعبة

تشكل العائدات النفطية حوالى 90% من العائدات العامة بالنسبة لمعظم دول الخليج، ومع انخفاض الأسعار إلى ما دون توقعات الموازنة، فإن الحكومات ستواجه من دون شك عجزا العام المقبل.

وارتفع الإنفاق بشكل أساسي في هذه الدول على رفع الرواتب وليس لدعم الاستثمارات.

وقال الخبير ام آر راغو، رئيس الأبحاث في مركز الكويت المالي، إن ‘الإنفاق الجاري تجاوز الإنفاق الاستثماري بأشواط’.

وخفض هذا الإنفاق الآن يبدو صعبا، إذ أن ذلك يعني اتخاذ خطوات جريئة في مجالات الرواتب ودعم الأسعار، بحسب الخبراء.

واعتمدت دول الخليج أنظمة رفاه اجتماعي ترعى المواطنين من المهد إلى اللحد مع دعم قوي لأسعار الخدمات والمحروقات وغياب تام لضريبة الدخل.

وطالب البنك الدولي دول الخليج بان تبدأ فورا بخفض دعم أسعار الطاقة، وهو دعم يكلفها 160 مليار دولار سنويا.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*